الثلاثاء، 23 فبراير 2010

أهمية التربية الجسمية للطفل


يتكون الكائن البشري من جوانب ثلاثة في تركيبه وخلقته: الروح، والعقل، والجسم، ولكل جانب منها أهمية بالنسبة للذات الإنسانية، وهذه الجوانب لا ينفك بعضها عن بعض؛ بل تعمل كلها جنباً إلى جنب في جميع نشاطات الإنسان، فإنه ((ليس للجسد استقلال ذاتي عن الجوانب النفسية والعقلية والروحية، وإنما هو مرتبط بها ارتباطاً وثيقاً))، … وتأتي أهمية الجسد من أنه يكتسب فاعليته ودوره باتصاله وتلاحمه مع أجزاء الشخصية الإنسانية الأخرى، والعبادات كشعائر دينية تعتمد على الجسد)) فهذه الصلاة –على سبيل المثال– يشترك في أدائها العقل والروح والجسد؛ كل جوانب الإنسان، من أخل بشيء منها فسدت صلاته، أو ضاعت فائدتها المرجوة؛ فمن لم يقم بجسده في الصلاة، ويطهره بالوضوء، ويؤدِّ تلك الحركات من سجود وركوع وجلوس، أداءً صحيحاً: بطلت صلاته. فرغم أن ظاهرة الصلاة روحي عقلي، إلا أن للجسد دوره ومكانته فيها لا تقبل الصلاة إلا به - إن لم يكن هناك عذر - وكذلك العبادات الأخرى يشترك في أدائها الجسم

ولما كانت أهمية الجسم على هذا النحو، فإن اهتمام الأب برعاية ولده، من الناحية الجسمية، وإعداده لمستقبل الحياة صحيحاً قوياً، يعد خير معين لقيام الولد بواجباته الدينية وعبادة ربه، فالأب ملزم "أن يتفقد الصبي في كلامه وقعوده بين الناس وحركته ونومه وقيامه ومطعمه ومشربه، ويلزم في جميع ذلك ما ألزمه العقلاء أنفسهم حتى صارت أفعالهم طبيعة من طبائعهم"، فهو ملزم فيما يخص جسم الولد بالتزام منهج الإسلام في التربية الجسمية.

وتهدف التربية الجسمية إلى توفير الصحة عن طريق النمو السوي للفرد، والمحافظة على الطاقات الجسمية، وتوجيهها وتنميتها للقيام بأعباء الخلافة في الأرض، فهي تخدم الغرض الأساسي الذي وجد الإنسان من أجله على الأرض، وهو عبادة الله ، قال الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ } [الذاريات:56].

والأب يراعي في جانب التربية الجسمية كل ما يؤثر في كيان الولد البدني، فما يضره من أكل، أو شرب، أو نوم، أو لعب، أو غير ذلك حماه منه، وحفظه منه، وألزمه السنة في كل ذلك، أما ما يُفيده ويقيم بدنه وصحته: وجَّهه إليه، وقرَّبه منه.


بقلم : الدكتور عدنان باحارث

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق